رأي حر/العراق/تحسين الزركاني
تتفاخر جميع الدول بمهنية وتاثير مؤسساتها الصحافية، التي تعتمد على مدونات للسلوك الاخلاقي معيارا رئيسيا للعاملين فيها، فكلما اعتمدت المؤسسة المعايير الاخلاقية في تغطية الاحداث، كلما زادت ثقة الجمهور بها واصبحت قادرة على صناعة الاحداث بتاثيرها على الرأي العام.
وللاسف أن الاعلام العراقي ابتعد كثيرا عن المنظومة الاخلاقية للمهنة الرسالية التي يحملها الصحافي ومؤسسته، فصار التلفيق والتزييف في غالبية المؤسسات الصحفية سمة متبعة الغاية منها خلق الازمات للتاثير على هذا المسؤول الحكومي او ذاك بغية تحقيق مكاسب شخصية وفردية يتلاعب بها اصحاب تلك المؤسسات، التي غاب عن معظمها تعليق مدونة سلوك اخلاقي في واجهتها ليطلع عليها الصحافي وتذكّره كلما مر بها بان هناك حدود ومعايير، وواجبات له وحقوق عليه فهو القادر على انارة الجمهور واطلاعه على مايحدث بمهنية وحيادية، لا بتضليله لتحقيق المكتسبات الشخصية التي تسيء في جميع الاحيان الى زملائه دون اي ذنب، ليحسب في خانته.
إن المسؤولية الاخلاقية والوطنية والمهنية الملقاة على عاتق الصحافي والمؤسسة العامل فيها، توجب عليهما الالتزام بمدونات السلوك الدولية والاقليمية لغيابها عن المشهد المحلي، ولن ياخذ البحث للاطلاع عليها جهدا او وقتا، بعد ان اصبح الفضاء الالكتروني ممتلأَ بالمواقع التي تسهل على الصحافي الوصول الى تلك المدونات لمعرفة المعايير التي تميز الصحافي الناجح بنزاهته وحياديته عن الطالح الساعي لتحقيق مكاسبه واشباع نزواته.
فكلما تمسك الصحافي بالمعايير الاخلاقية ومدونات السلوك، كلما كان محصنا أمام الجهات القضائية والمجتمعية وزملاء مهنته، وزادت رغبة المؤسسات الدولية بعمله معها، فالصحافة مهنة مكتسبة وكل تقنياتها ومهاراتها قابلة للتعلم، لكن تلك التقنيات لن تساوي اي شيء مالم يعززها باخلاقيات المهنة وسلوكياتها، فبعض الصحافيين يرى في نفسه انه اصبح إله او نبيا منزلا بيده العصمة قادر على فعل كل شيء، ويتناسى ان العمل الصحافي عمل رسالي الهدف منه انارة المجتمع وخدمته، ويجب ان يكون الصحافي اكثر من غيره التزاما بالمبادئ والاخلاق العامة والمهنية، ليحظى بثقة الجمهور ومؤسسته التي يعمل فيها.
ومن المؤسف والمعيب ان نرى كثير من الصحافيين عندما يقف امام كاميرا او مكسر او لوحة المفاتيح (الكيبورد)، يشتم ويلعن ويسيء بعبارات لا يتلفظ بها عامة الناس فكيف به وهو صحافي، له جمهوره ومتابعيه، هل فكر كيف سينظر له من يرى بانه نخبة النخبة، ان مارس هذه الافعال، فالخبرة وسنوات الخدمة في العمل الصحافي ان لم تصقل اخلاقيات المشتغل بالمهنة بالادب والموضوعية والحيادية والمهنية، لن تكون خبراته اكثر من مطبات وسراب يوقعه في فخه ليكون اكبر الخاسرين.
وعليه هي دعوة لمن يطلع من الزملاء على مدونات السلوك المهني والاخلاقي الدولية والاقليمية والعربية، ان يراجع نفسه اولا ويطابق تصرفاته مع بنود تلك المدونات ليصحح ما وقع فيه من اخطاء، لان الاخلاق سيدة المهن ومن لم يأت بها معه لن يتمكن يوما من النجاح فيها خاصة في مثل مهنتنا، لم ننتهي بعد وللكلام بقية.
مصادر/
ميثاق الواجبات المهنية للصحفيين الفرنسيين 1918.
مدونة قواعد سلوك الصحفيين الأمريكيين 1926.
مدونة قواعد سلوك الصحفيين البريطانيين 1938.
إعلان المبادئ الصادر عن الإتحاد الدولي للصحفيين بشأن سلوك الصحفيين، المعروف بـ(بوردو)، 1954.
إعلان ميونخ لعام 1971، المتعلق بواجبات وحقوق الصحفيين.
قرار المجلس الأوربي حول أخلاقيات الصحافة لسنة 1993.
اعلان ميونخ لواجبات وحقوق الصحفيين 1971
الحق في المعلومة وحرية التعبير والنقد حقوق اساسية لكل انسان.
من حق الجمهور في معرفة الوقائع والآراء، تنتج مجموعة واجبات وحقوق الصحفيين.
مسؤولية الصحفيين تجاه الجمهور، تعلو فوق كل مسؤولية أخرى وخاصة تجاه مشغليهم وا لسلطات العمومية.
رسالة الاخبار، الإعلام، حتما حدودا يضعها الصحفيون انفسهم تلقائيا وهذا هو موضوع إعلان الواجبات الموضوعة هنا.
الا أن هذه الواجبات لا يمكن أن تحترم فعليا في ممارسة المهنة الصحفية الا اذا توفرت شروط الاستقلالية والكرامة المهنية، وهذا موضوع إعلان الحقوق الوارد هنا.
اعلان اليونسكو 1983
“إن الوظيفة الأولية للصحفي هي خدمة حق الشعب في معلومة حقيقية، عبر ارتباط صادق بالواقع الموضوعي، وذلك من خلال وضع ا لحداث بطريقة واعية في اطار سياقها المناسب من غير تشويه، وعبر استعمال القدرات الخلاقة للصحفي، حتى يتلقى الجمهور مادة تمكنه من تكوين صورة دقيقة ومتناسقة للعالم حيث يكون فهم مصدر وطبيعة وجوهر الاحداث والمسارات والوضعيات بالطريقة الاكثر موضوعية”.
الميثاق الأخلاقي لجمعية الصحفيين المحترفين بأمريكا
يؤمن أعضاء جمعية الصحفيين المحترفين أن تنوير الرأي العام سابق للعدالة والأساس للديمقراطية. وتسعى الصحافة الأخلاقية جاهدة لضمان التبادل الحر للمعلومات الدقيقة والمنصفة والشاملة.
وتعلن الجمعية هذه المبادئ الأربعة بوصفها الأساس للصحافة الأخلاقية وتشجع استخدامها في الممارسة العملية من قبل جميع العاملين في جميع وسائل الإعلام:-
ابحث عن الحقيقة وقم بتغطيتها.
قلل من الضرر.
تصرف باستقلالية.
كن قابلا للمسائلة وشفافا.
((إن الصحفي الأخلاقي يتصرف بنزاهة))