عشر نصائح للكتابة.. بقلم: أحمد سعداوي

 أدب

عشر نصائح للكتابة.. بقلم: أحمد سعداوي

 2021-06-03 | 06:19 م  50505 مشاهدة 4 دقائق للقراءة

شارك المقال

  

أحمد سعداوي

في الورش التي أَدَرْتُها لكتابة الرواية كانت الفكرة التي تُرافِقُني؛ أنني أذاكر مع الشباب المشتركين في الورشة تلك الأشياء التي يمكن اعتبارُها أساسيةً في فَهْمِ عملية الكتابة الإبداعية للرواية كجنسٍ أدبيٍّ يرتَكِز على تراثٍ من النصوص، يمكن بقراءتها وتحليلها تلمُّس المشتركات العامة فيها، أو بتحديدٍ أكبر؛ المشتركات العامة في تلك الروايات التي صار ثابتاً في التلقّي العام أنها رواياتٌ ناجحةٌ أو رائعةٌ وعظيمةٌ.

بالإضافة إلى هذه المذاكرة كان من المفيد وضْعُ شيءٍ من التجربة الشخصية مع الكتابة، والاشتباك النفسي مع الكتابة أو بسبب الكتابة مع الآخرين، إن كان هؤلاء الآخرون زملاءَ كتابةٍ أو محيطاً من الأصدقاء “الأشباه” أو المتلقّين العامّين من القرّاء.

في نهاية كل ورشة كنت أضع النقاط العشر التالية باعتبارها خلاصاتٍ ضروريةً، وكنت أذكّر نفسي بها معهم أيضاً، فحتى أكثر الكتّاب احترافاً يمكن له أن ينسى أحياناً بدهيّات الكتابة.

1 ــ أهم خطوة في كتابة الرواية هي إنجاز المسودة الأولى الكاملة للرواية. هذه المسوّدة تكتبها وتقرأها أنت، ولا يقرأها أحدٌ غيرك. إذا فكَّرْتَ بأن ما تكتُبُهُ الآن سيقرأه أحدٌ ما غداً؛ سيزداد توتُّرُك وتختَنِقُ الكلمات عندك. اِنْسَ ذلك تماماً. “شخبط” والعَبْ ما بدا لك، فهذه مسوّدة أولى. وهي مهمةٌ لأنه لا رواية مكتملة وناجحة من دون المرور بالمسوّدة الأولى.

2 ــ اُكتُب عمّا تعرف، فأنت لديك الكثير ككائنٌ متميّزٌ، حتى لو كنتَ محبوساً في البيت لظروفٍ خاصّة. لا تخُضْ في قضايا لا تعرف عنها شيئاً أو تجارب لم تمرّ بها شخصيّاً أو لم تلتَقِ بأشخاصٍ مرّوا بها، ولم تتعاطف وتنفعل بها كمراقبٍ على الأقل.

3 ــ صناعة المخطط: بعد المسوّدة الأولى اِصْنَع مخططاً عامّاً لما أنجزتَهُ. ما هي الشخصيات الرئيسية في روايتك بمسودتها الأولى، ما هي الشخصيات الثانوية، ما هي التفاصيل الخاصّة بكل شخصية. ماذا تحتاج من معلومات عن المكان الذي تجري فيه الأحداث، أو تفاصيل تاريخية خاصّة بالحقبة الزمنية. الأثاث، الطقس، الطعام، الأزياء، الخلفيات الاجتماعية للشخصيات، النِّكات الأغاني… إلخ.

4 ــ المزيد من الكلمات: الرواية الأولى الناجحة تأتي على سُلَّم من الكلمات وكتابة الكثير من الكلمات. الكتابة الجيدة هي نتيجة “عضلات كتابة” مدرَّبَة على الكتابة. فإذا أكملْتَ المسودة الأولى لروايتك ولم تعجبك، وتراها أخفَقَتْ، أو شعرتَ بأن هناك شيئاً مفقوداً فيها، أو أن أسلوبها كان ركيكاً وضعيفاً وما إلى ذلك من المشاكل التي تُوَلِّد الإحباط لديك، فتَذَكَّر أنك قد عَبَرْتَ مع هذه المسودة عدّة سلالم إلى الأعلى. كل كلمةٍ تكتُبُها تُقَوّي عضلات الكتابة لديك وتقرّبك من أهدافك أكثر. الكسول لن يحصل على أيّ شيء.

5 ــ الكتابة هي الهدف: لا تجعل للكتابة منذ البداية هدفاً أبعد من مجرد الانتهاء من كتابة نصٍّ جيّدٍ، وعمل روائي يمكن أن يحصل على الإطراء عند من يقرأه. لا تفكّر بالجوائز والمبيعات والانتشار والنجومية وما إلى ذلك. لا أحد يضمن هذه الأشياء، ولا أحد يستطيع وضْعَ مصيدةٍ لاصطياد هذه الأهداف المشروعة طبعاً. ركّز على كتابة عملٍ جيّدٍ، والعمل الجيّد هو من سيجرُّ الأرباح اللاحقة المفترضة. إذا لم تخدم المصادفات والحظّ العملَ الجيّدَ مثلاً، لن يتحوّل هذا العمل الجيد إلى عملٍ سيئٍ، سيبقى جيداً. وهذا هو الهدف الأساسي للكاتب المبدع والمحترف.

6 ــ الرواية خزّان للمعلومات. إنها تمتَصُّ الكثير من المعلومات. فلا تَثِق بذاكرتك الشخصيّة. احفَظْ كل المعلومات التي تحتاجُها على بطاقات أو أوراق أو على سبّورة، أو أي وسيلةٍ أخرى سهلة الاستعمال. حتى التخزين على اللاب توب -مثلاً- غيرُ أمين أحياناً. اجْعَل كل المعلومات أمام عينيك وقريبةً إلى يديك.

7 ــ حكاية عن أناس: الرواية، أيّ رواية كانت، وبأيّ أسلوبٍ أو تقنيَةٍ أو مدرسةٍ فنيَّةٍ كانت، هي تتحدّث عن شخصياتٍ وما يجري لهذه الشخصيات من أحداث. لا تجعل الشخصيات مثل الأشباح. تكتب عنها ولا تعرف عنها شيئاً. اصْنَع “C.V” لكل شخصية. اجعَلْها شخصياتٍ من لحمٍ ودمٍ، احتَرِمْها، واحتَرِم وجودَها، حتى يحترم القارئ ما تصنع من أحداث وحكايات.

8 ــ هضم القصة: بعد إنجاز المسوّدة الأولى للرواية وإدراكك أنك قبضْتَ على قصةٍ تستحق أن تُسْرَد. من المفيد أن تناقش فكرة الرواية وما تريد أن تُوصِلَهُ من رسائل، مع أصدقاء مقرّبين أو أفراد العائلة. هذا الحَكْي الشفاهي هو شكلٌ من أشكال “إعادة هضْم القصة” وفهْمِها من قِبَلِكَ بشكلٍ أعمق. ويساعدك على السيطرة على قصتك حين تشرع في كتابة المسوّدة الثانية.

9 ــ بناءٌ من الكلمات: لا تجعل إعجابك بالجُمَل والعبارات التي تكتبها يُنسيك مسؤوليتك تجاه معمار وبناء الرواية بشكلٍ عام. وظيفة الكلمات والعبارات أنها جزءٌ من بناءٍ عام. لا تتردد في حذف هذه العبارات الجميلة حين تكتشف أنها زائدة. الكثير من الروايات العربية مليئة بالعبارات الجميلة الزائدة، وهذه مشكلة مزمنة تعرْقِل نمو الرواية.

10 ــ التوازن: الرواية الناجحة هي التي يستطيع كاتبها أن يُحْدِثَ توازناً بين “الأحداث العادية” و”الأحداث والتفاصيل الملفتة والغريبة وغير المألوفة”.

إن كانت هناك غلبَةٌ للحوادث العادية فستكون الرواية مملَّةً، وإن كانت هناك غلبَةٌ للأحداث الاستثنائية وغير المتوَقَّعة والتفاصيل الغريبة فستكون الرواية غير مقْنِعَة.

التوازن أيضاً يشمل أشياء كثيرةً أخرى، كالتوازن ما بين “الوصف” و”السرد”. الاستغراق بالوصف يسبِّب الرتابة والملل، أما التركيز على السرد فقط فسيجعل الرواية سريعةً ولكنها شاحبةٌ وفقيرةُ التفاصيل. والكاتب ذو الحساسية الجمالية المرهفة هو من يَعْرِف كيف يُوازِن بين عنْصُرَيّ الكتابة هَذين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *