صحفي: عقوباتُ صدام لم تعد تكفي وحتى انتقادُ الارجنتين وكوريا الشمالية ممنوع
شباط 2023:
لائحةُ مكونةُ من 32 صفحة و17 فصلا و36 مادةً عقابيةً وتعريفيةً، تلزم المؤثرين في وسائلِ التواصلِ الاجتماعي والمؤسساتِ “التسجيلَ” في هيئةِ الإعلامِ والاتصالاتِ واخذَ الموافقاتِ الرسميةِ وتسديدِ الرسومِ الماليةِ قبلَ الشروعِ في النشر، وتفرض غراماتٍ ماليةً وعقابيةً مختلفة، ولا تسمح بنشرِ ما يعكر مزاجَ الزعماءِ الكبارِ او انتقادَ النظامِ “الديمقراطي” الحالي ومؤسساتِه “الدستورية”!
انتقد مركز “مترو” للدفاع عن حقوق الصحفيين، محاولات اصدار مؤسسات حكومية بما فيه هيئة الاعلام والاتصالات لـ”قرارات ولوائح” تهدد حرية التعبير والنشر المكفولة دستوريا، فيما وصفت تلك المحاولات الت يتترافق مع حملة وزارة الداخلية ومجلس القضاء لمحاربة ما يسمى بالمحتوى الهابط بانها “بطاقة دعوة للدكتاتورية”.
وذكر بيان للمركز، نشر في 14 شباط فبراير، ان المادة 38 من الدستور العراقي تضمن حرية الرأي والتعبير بكافة الطرق والوسائل، لكن وزرارات وهيئات في الحكومة العراقية، تلجأ الى أصدار قرارات ولوائح “تفرغ هذه المادة الاساسية الدستورية من محتواها، بل وتطالب بتطبيق كل العقوبات المكممة للافواه الذي صدرت في زمن النظام الدكتاتوري والواردة في قانون العقوبات المرقم 111 لسنة 1969، وتضيف اليها عقوبات جديدة أشد وأقسى”.
واضاف المركز بعد قرارات اللجنة التي شكلتها وزارة الداخلية بمتابعة ما يسمى بالمحتوى الهابط، تحت عنوان (بلغ)، وتم بموجب ذلك القاء القبض على عدد من صناع المحتوى، بل وصدور احكام بالسجن تراوحت بين 6 أشهر إلى سنتين “خرج الناطق بأسم وزارة الداخلية مفتخراً بأن عدد البلاغات وصلت لـ 95 ألف بلاغ. أي اننا عدنا الى المخبر السري والقضايا الكيدية، طالما لايوجد هناك تعريف قانوني غير قابل للتأويل للمحتوى الهابط”.
وانتقد المركز الموقف الغريب لنقيبة المحامين من حملة الداخلية، وذكر ان النقيبة هددت بشطب اسم اي محامي من سجل النقابة ومنعه من ممارسة مهنة المحاماة اذا دافع عن احد افراد ما يسمى بالمحتوى الهابط “بينما القانون يسمح حتى لأعتى المجرمين والقتلة والسارقين بتوكيل محام للدفاع عنهم”.
وأشار المركز الى ان هيئة الاعلام والاتصالات من جهتها تستعد لاصدار لائحة تشمل تطبيق قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 أضافة الى تطبيق بعض بنود قانون مكافحة الارهاب ونصوص عقابية اخرى بحق “كل من يمس الدولة وكياناتها ورموزها بل وحتى من يمس النقابات والاتحادات التنظيمية، وكذلك تلزم المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي التسجيل في هيئة الاعلام والاتصالات واخذ الموافقات الرسمية وتسديد الرسوم المالية قبل الشروع بالنشر”.
“كما تفرض اللائحة غرامات مالية وعقابية مختلفة ولاتسمح بنشر مايعكر مزاج الزعماء الكبار او انتقاد النظام الديمقراطي الحالي وموؤسساته الدستورية، فضلا عن فرض الهيئة على اصحاب المحتوى الممول، دفع نسبة من قيمة التمويل لهيئة الاعلام والاتصالات”.
وتابع المركز: “وتضمنت احد مواد اللائحة تجريم اي شخص يحض على مقاطعة الانتخابات، مع ان ذلك حق طبيعي لكل مواطن/ة في النظام الديمقراطي”.
ونبه مركز مترو الى ان اللائحة “يراد لها ان تتحول الى قانون يمنح مجلس هيئة الاعلام والاتصالات المكون من أطراف سياسية جاءت بالمحاصصة، صلاحيات رقابية مطلقة وواسعة للتحكم بالمحتويات المنشورة. واللائحة المكونة من 17 فصل و 36 مادة عقابية، لايوجد مثلها حتى في الدول الاكثر بعداً عن الديمقراطية”.
واشار المركز المعني بالدفاع عن الصحفيين والحريات الصحفية والذي ينشط في اقليم كردستان بشكل خاص، الى محاولات سابقة لفرض قوانين تحد من حرية التعبير والصحافة مذكرا “بالقراءة الاولى لقانون جرائم المعلوماتية”.
ورأى المركز المدعوم من قبل العديد من المنظمات الدولية، والذي يصدر تقارير دورية عن اوضاع حرية الصحافة في اقليم كردستان، ان “الحكومة تسعى لقمع الحريات وكبت الاصوات المعارضة لنهجها، بحجج واهية ظاهرها خير وباطنها يهدد حرية الرأي والتعبير ويكتم الانفاس”، مبديا رفضه لذلك النهج “هذه القرارات واللوائح تشكل خطراً حقيقياً على النظام الديمقراطي وتهدد بشكل جدي حرية الرأي والتعبير”.
ودعا المركز الرأي العام وكل المعنيين بالدفاع عن حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير الى “الوقوف ضد هكذا قرارات ولوائح تقييد الحريات العامة والخاصة”، كما طالب المنظمات المختصة بحرية الرأي والتعبير والمنظمات المدافعة عن حرية وحقوق الانسان الى “تنظيم حملة جادة للوقوف ضد مثل هذا التجاوز على حقوق الانسان وحريته في التعبير عن آرائه”.
عقوباتُ صدام حسين باتت لاتكفي
في ذات السياق كتب زياد العجيلي، الصحفي المعروف بالدفاع عن حرية الصحافة، ان قانونٌ جديدٌ يوصي باعتمادِ “عقوباتِ صدام حسين” وتشديدِها لملاحقةِ المحتوى على مواقع التواصلِ الاجتماعي ووسائلِ الاعلام، مبينا ان مسودة اللائحُة التي سربت تركز على “تطبيقِ قانونِ العقوباتِ العراقي 111 لسنة 1969 بالاضافةِ الى قانونِ مكافحةِ الارهابِ ونصوصٍ قانونيةٍ اخرى”.
ووصف العجيلي اللائحةً بأنها تعتمد قوانينَ الانظمةِ الشموليةِ السابقةِ لمحاسبةِ ومعاقبةِ كلِ من يمسَ الدولةَ وكياناتِها ورموزَها بل وحتى النقاباتِ والاتحاداتِ التنظيمية.
وقال ان اللائحةُ “التي يراد منها ان تتحولَ الى قانون بـ “المباركة” تمنح مجلسَ هيئةِ الإعلامِ والاتصالاتِ، المكونِ من اطرافٍ سياسيةٍ متعددةٍ، صلاحياتٍ رقابيةً مطلقةً والتحكمَ بالمحتوياتِ المنشورة، وتنص أن للهيئةِ إشعار القضاءَ والجهاتِ الامنيةَ بايةِ قضيةٍ تجدها خطرةً وحساسةً اذا لم يتم معالجتها بشكلٍ عاجلٍ من الجهاتٍ المختصة، ولها صلاحيةُ حجبِ وغلقِ الصفحاتِ الشخصيةِ والمواقعِ الالكترونيةِ في حالةِ وجودِ “خروقاتٍ فادحةٍ للمحتوى الرقمي المنشور”.
وتمنح اللائحةُ الحقَ للهيئةِ بحذفِ اي محتوى رقمي بقرارٍ قضائي او بدونِه، وتجيز للاجهزةِ الامنيةِ والقواتِ المسلحةِ حذفَ المحتوى الذي لا يجدونه مناسبا لمصلحةِ الامنِ القومي، كما تمنع المحتوى “اذا تضمن مساسا بالعمل النقابي بناء ً على مخاطبةٍ من النقاباتِ او الاتحاداتِ التخصصيةِ وفق قوانينِهم”.
وبحسب العجيلي لاتسمح موادُ اللائحةِ لاي شخصٍ او مؤسسةٍ الترويجَ لنفسِها عبر صفحاتِهم في وسائلِ التواصلِ الاجتماعي دون الحصول على موافقةٍ مسبقةٍ من الهيئةِ، مع الالتزامِ بدفعِ خمسة عشر بالمئة من قيمة الاعلان اذا كان مدفوع الثمن.
ويخلص الى القول “ولا يجوز لك انتقادُ الارجنتين او البرازيل او كوريا الشمالية، اذ تمنع اللائحةُ الاشخاصَ او المؤسساتِ من الاساءةِ قولا او فعلا للعلاقاتِ الدوليةِ للعراقِ دولا او شعوبِ المنطقةِ والعالم”.